القرد و النجار
زعموا أن قردًا رأى نجارًا يشق خشبةً و هو راكب عليها, و كلما شق منها ذراعًا ادخل فيه وتدًا.فوقف ينظر إليه و قد أعجبه ذلك. ثم إن النجار ذهب لبعض شأنه فركب القرد الخشبة و جعل وجهه قبل الوتد فلزم الشق عليه*, فكاد يغشى عليه من الألم. ثم إن النجار وافاه فوجده على تلك الحالة, فأقبل عليه يضربه, فكان ما لقي من النجار من الضرب أشد ممَا أصابه من الخشبة.و يضرب هذا المثل فيمن يتكلف من القول و الفعل ما ليس من شكله.
*لزم الشق على ذنب القرد : قبض و ضغط عليه.
الثعلب و الطبل
زعموا أن ثعلبا أتى أجمة فيها طبل معلق على شجرة, و كلما هبت الريح على أغصان تلك الشجرة حرَكتها, فضربت الطبل, فسُمع له صوتٌ عظيم باهر. فتوجه الثعلب نحوه لأجل ما سمع من عظيم صوته ; فلما أتاه وجده ضخــما, فأيقن في نفسه بكثرة الشحم و اللحم, فعالجه حتى شقه. فلما رآه أجوف لا شيء فيه قال : لا أدري لعل أفشل الأشياء أجهرها صوتا* و أعظمها جثة .
*أجهرها صوتا: أعلاها صوتا.
القملة و البرغوث
زعموا أنَ قملة ً لزمت فراش رجل من الاغنياء دهرا ً فكانت تصيب من دمه و هو نائم لا يشعر , و تدبَ دبيبا رفيقا . فمكثت كذلك حينا حتى استضافها ليلة من الليالي برغوث, فقالت له: بت الليلة عندنا في دم طيب و فراش لين. فأقام البرغوث عندها حتى إذا آوى الرجل إلى فراشه و ثب عليه البرغوث فلدغه لدغة أيقظته و أطارت النوم عنه, فقام الرجل و أمر أن يفتش فراشه فنظر فلم ير إلا القملة فأخذت فقصعت* و فر البرغوث .
و يضرب هذا المثل نعلم أن صاحب الشر لا يسلم من شره أحد و يقال : إن استضافك ضيف ساعة من نهار , و أنت تعرف أخلاقه , فلا تأمنه على نفسك , و لا تأمن أن يصلك منه أو بسببه ما أصاب القملة من البرغوث .
*القصع: قتل القملة بتسويتها بين الظفرين.
القردة و الطائر و الرجل
زعموا أن جماعة من القردة كانوا ساكنين في جبل. فالتمسوا* في ليلة باردة ذات رياح و أمطار نارا فلم يجدوا. فرأوا يراعة* تطير كأنها شرارة نار , فظنوها نارا و جمعوا حطبا كثيرا , فألقوه عليها , و جعلوا ينفخون بأفواههم و يتروحون بأيديهم* طمعا في أن يوقدوا نارا يصطلون* بها من البرد . و كان قريبا منهم طائر على شجرة ينظرون إليه و ينظر إليهم, وقد رأى ما صنعوا فجعل يناديهم و يقول: لا تتعبوا أنفسكم فإن الذي رأيتموه ليس بنار. فلما طال ذلك عليه عزم على القرب منهم, لينهاهم عما هم فيه, فمر به رجل فعرف ما عزم عليه فقال له: لا تلتمس تقويم ما لا يستقيم, فإن الحجر الصلب الذي لا ينقطع لا تجرَب عليه السيوف , و العود الذي لا ينحني لا تعمل منه القوس , فلا تتعب. فأبى الطائر أن يطيعه و تقدم إلى القردة ليعرفهم أن اليراعة ليست بنار, فتناوله أحد القردة , فضرب به الأرض فمات .
*التمس الشيء: طلبه و أراده.
*اليراعة: حشرة يتوهج ذيلها في الليل فتبدو و كأنها قطعة من نار.
*يتروحون بأيديهم: يحركون الرياح ليشعلوا النار.
*اصطلى بالنار: تدفأ بها.
اخر حكمة جميلة جدا واجيدها بفن جميل وهي تريحني من عناء الجهلاء ... تسلم ايدك
ردحذفجميلة جدا اسومة انا بحب الكتاب ده جدا يسلم ايدك اسومة
ردحذف